أفادت صحيفة "الأخبار"، بأن "قبل بضعة أيام، انطلقت جلسات تقييم لبنان التي تجريها مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مينافاتف" في واشنطن، لقياس مدى التقدّم في تطبيق إجراءات وقواعد مكافحة تبييض الأموال والإرهاب. تأتي هذه الجلسات إثر صدور تقرير التقييم المتبادل، الذي يحدّد وجود ثغرات في إطار تطبيق لبنان لهذه القواعد ويطلب منه إجراءات محدّدة لسدّها. فوجئ الوفد اللبناني في الجلسة بأن مندوباً إسرائيلياً يحضر الجلسة، علماً بأنه سبق ذلك تسريبات وصلت إلى رئاسة الحكومة وحاكمية مصرف لبنان مفادها أن مندوب أميركا سيطلب الانتقال من مناقشة تصنيف لبنان على اللائحة الرمادية إلى تصنيفه على اللائحة السوداء".
وذكرت مصادر مطلعة للأخبار إن مسألة تصنيف لبنان على اللائحة الرمادية لا تمثّل مشكلة جديّة للبنان، خلافاً لما سيحصل إن جرى تصنيفه على اللائحة السوداء. ولم يكن مطروحاً في جلسات مناقشة التقييم السابقة أو حتى في المراسلات الرسمية بين لبنان وأمانة سر مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في الأشهر الماضية، أن حالة لبنان تستدعي اللائحة السوداء، بل كان السقف الذي يجري النقاش ضمنه هو اللائحة الرمادية. و"اللافت في حضور المندوب الصهيوني للجلسات المخصصة لمناقشة تقييم لبنان، أنه ليس معنياً بها على الإطلاق، إذ إن الكيان الإسرائيلي لديه مقعد ضمن المجموعة المعنية بأوروبا وليس له أي علاقة بمجموعة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
وذكرت أن "بهذا المعنى، بات واضحاً أن التصعيد ضدّ لبنان لن يقتصر على الصواريخ التي يطلقها الكيان الصهيوني على مختلف المناطق اللبنانية، بل سيشمل تصعيداً دولياً في المحافل والمنظمات التي يكون له فيها يد أميركية أيضاً. تصعيد كهذا هدفه توسيع إطار الضغط على المقاومة للموافقة على شروط العدو، ودفع أعدائها في الداخل إلى التحرّك ضدّها بذريعة تلافي تصنيف اللائحة السوداء. ولهذا الأمر سردية يحاول العدو تكريسها في الداخل منذ فترة تقوم على أن حزب الله هو المستفيد من الانهيار المالي والمصرفي للقيام بعمليات تبييض أموال من خلال ضخّ أمواله في اقتصاد الكاش الناشئ من هذا الانهيار".
وكشفت الأخبتر أنه "حتى الآن، يبدو أن لبنان اتخذ قراراً بإيعاز من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأن يناقش انطلاقاً من أنه لا مفرّ من تصنيف لبنان على اللائحة الرمادية، على أساس أن هذا القرار له بعد سياسي لا يتعلق فعلياً بالإجراءات المطلوبة من لبنان. فلم يسجّل تقرير التقييم، الصادر أخيراً، أيّ تحفّظات على القطاع المصرفي، بل كانت هناك ثغرات مطلوب من لبنان تلافيها تتعلق بثلاث مسائل أساسية".
مؤتمر باريس
إلى ذلك، كشفت مصادر رسمية لـ"الأخبار" أن المبادرة الفرنسية الخاصة بتنظيم مؤتمر لدعم لبنان، جاءت في ظل خلافات بين الرئاسة الفرنسية والإدارة الأميركية الحالية. وقالت المصادر إن باريس مصرّة على عقد الاجتماع في 24 الشهر الجاري، مشيرة إلى أن الخلافات بين الجانبين برزت بوضوح أثناء اجتماعات نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. ونقلت عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أنه لمس تضارباً كبيراً بين الجانبين حيال كيفية التعامل مع الأزمة اللبنانية، وأن ماكرون عاود الاتصال بميقاتي لإبلاغه بأن موقف فرنسا من لبنان يحظى بدعم غالبية الدول الأوروبية، وأنه تلقّى اتصالات تضامنية؛ أبرزها من رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني التي أبلغته أن حكومتها قررت وقف تسليم الأسلحة لإسرائيل.
وبحسب المصادر، تطرّقت المحادثات بين ماكرون وميقاتي الى امكانية فتح قنوات اضافية لمعالجة ملف الحرب على لبنان. وعرض الفرنسيون ورقة عمل تشمل التفاوض على مشروع متكامل يتضمن بنوداً تتصل بالقرار 1701. وبعد اطلاع ميقاتي على الورقة، تفاهم مع الجانب الفرنسي على ان هناك حاجة لإشراك ايران في التفاوض، نظراً الى دورها وموقعها وتأثيرها على حزب الله، ما دفع بالجانب الفرنسي الى إرسال رسالة حول المشروع الى الجانب الإيراني، وهو ما كان سبب حديث رئيس مجلس النواب الإيراني محمد باقر قاليباف حول الاستعداد للتعاون بين إيران وفرنسا بشأن تطبيق القرار 1701.
اما بشأن مؤتمر باريس، فقد علمت "الأخبار" أن الاتفاق بين ميقاتي والرئاسة الفرنسية يشتمل على طلب مليار دولار من الدول المانحة لتمويل الجيش اللبناني، إضافة الى 428 مليون دولار لمعالجة ملف الإغاثة، و400 مليون دولار للخدمات المقدّمة من الدولة.
وفي ظل التنافس الأميركي – الفرنسي حول إدارة ملف لبنان، وإصرار الولايات المتحدة على استخدام ملف المساعدات كورقة ضغط على لبنان للقبول بشروط العدو، دعت مصادر مطلعة الى عدم التعويل كثيراً على نتائج المؤتمر، وسط مؤشرات بأن المؤسسات المانحة ليست في وضع يسمح لها بتلبية ما يحتاج إليه لبنان، ولا سيما أن الأمر يتطلب ضغطاً سياسياً. وقالت المصادر إن المقّدر فعلياً هو الحصول على 185 مليون دولار من الأميركيين و50 مليون دولار من الأوروبيين، بينما من غير المعروف كيف سيكون تجاوب الآخرين مع ما يحتاج إليه لبنان.